الى علماء المسلمين كافة وكل الشرفاء: هل تكفي الإدانة أم يجب التحريم بفتوى شرعية؟

في ظل مايجري على الساحة الإسلامية من قتل وتدمير للدين والعرض والمال والحرث والنسل من قبل أعداء الإسلام بكل مشاربهم ، ومايجري في العراق بشكل خاص تحت الاحتلال من قتل بأيدي المحتلين أو المسلمين الذين يرون في حل دماء غيرهم منقبة ومفخرة وجهادا يعلنونه بكل وقاحة وبلا حياء من الله ولا رسوله ولا البشر فيستحلون دماء المسلمين وبفتاوى من اناس يعدون انفسهم علماء في الإسلام فيفتون بحل قتل الشيعة أو السنة. وهذا ليس افتراء على أحد بل من يفتح كثير من المواقع يرى تلك الفتاوى من قبل من يعدهم البعض علماء اعلام وقد سمعت بنفسي بعض اتباعهم يقول إن قتال الشيعة أولى من قتال اليهود ، وما يجري في العراق من قتل للشيعة بهذه البشاعة والطرق الوحشية التي لاتدل إلا على أن فاعلها ليس ببشر بل هو وحش مجرم والله ورسوله بريء منه ومن فكره الذي يحمله ، والذي يحصل من قتل لبعض أهل السنة أيضا لايدل على المعنى نفسه ، وفي ظل هذا كله لانسمع سوى ادانة أو شجب نحن نسمعها منذ أن خلقها الله من العرب والمسلمين لإسرائيل فلم تغير شيئاً ولم تجدي نفعاً ، وهذا الموقف في الإدانة محرم في الشرع إذا فكر علماؤنا قليلاً هل الإدانة تكفي أم يجب التحريم بفتوى شرعية يصدرها كل عالم مسلم في التلفزيونات والصحف وعلى المنابر وفي الإنترنت وإلا من يسكت أو يدين فقط فهو يرضى بذلك أو يباركه ، وأنا ومن خلال الوسائل المتحة لي أدعوا جميع العلماء المسلمين من حاضرات العالم الإسلامي في السعودية ومصر وإيران والدول العربية كلها والإسلامية كلها إلى إصدار فتوى بحرمة ذلك وأن من يفعل ذلك فهو قاتل لنفس مؤمنة أو بغير حق يستق عذاب الله في نار جهنم لكي يقف هؤلاء عند حدهم وأقول لمن يفتي لهم بحل ذلك أن النار سوف تكويك وعندها سوف تتنكر لكل ماأفتيت به وقد حصل بالفعل ورأينا البعض ولا نريد من المسلم وخصوصاً العالم الذي ينصب نفسه مفتيا أو ينصبه المسلمون أن يكون بوجهين يفتي بشيء محرم لايرضاه الله ورسوله من أجل فكر يؤمن به هو فإن كل تلك الفتاوى ماخدمت إلا أعداء الإسلام وهذا مايصدقه الواقع اليوم فبسبب تلك الفتاوى وتلك الجرام أصبحت بلاد المسلمين مستباحة لأعدائها وثرواتها نهباً لكل الطامعين ، ومن لم يفتي في ذلك علناً فعليه وزر هذه الأعمال ولسوف يسأل يوم القيامة أمام الله تعالى عن ذلك والساكت عن الحق شيطان أخرس والجميع يعرف قول النبي صلوات الله وسلامه عليه ((والذي لا إله غيره لا يحل دم رجل مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا ثلاثة نفر التارك الإسلام المفارق للجماعة أو الجماعة شك فيه أحمد والثيب الزاني والنفس بالنفس )) فبأي حق يفتي هؤلاء بحل دم مسلم لكونه يختلف معهم في الفكر أو العقيدة أو غير ذلك ولا أظن أن عالماً أو جاهلاً يعرف الله ورسوله يقبل بذلك إلا من ضل وأبى ، وأقول لهؤلاء الذين يفعلون ذلك إن كانوا مسلمين أن هذا حرام وعليم أن يفكروا به قبل الإقدام عليه ومن منطلق الدين الحنيف والسنة النبوية العظيمة بالذات كيف يستابح ذلك وبأي دليل وعليم أن يراجعوا أنفسهم لأن هذا يستوجب غضب الله سبحانه وتعالى ورسوله ويبعد عن رحمته إذ يقول تعالى:

 { مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا }

 المائدة/32 . فهل من هؤلاء الذين يقتلوا لايشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ويصلي الخمس ويصوم رمضان ويحج البيت، حتى وإن كانت لديه بعض الأخطاء لايمكن قتله من أجلها بل يحرم حرمة مغلظة جزاؤها جهنم وبئس المصير، ويجب على من يرى ذلك أن يدعوهم الى الصحيح بالجكمة والموعظة الحسنة، وهذا أمر من الله لرسوله صلى الله عليه وسلم

{ أدْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}

النحل/12 فهل هؤلاء أفضل من رسول الله صلوات الله وسلامه عليه حتى يحلوا لأنفسهم ما لايحل لرسوله إلا بشروط في قتال المشركين حيث يقول تعالى

{ وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ* وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنْ الْقَتْلِ وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ }

(البقرة/190-191 هذا فيما يتعلق بالمشركين فكيف يحل قتل المسلمين بلا قتال ولاذنب سوى أنهم يختلفون مع هؤلاء بالرأي ، أما أن يدعي هؤلاء أن الشيعة مشركين بزيارة القبور أو غير ذلك فهذا يستدعي الإثبات بالدليل والحوار وليس بالقتل بلا دليل على ذلك أما مراسم عاشورا فهذا أمر لاعلاقة له بالشرك والإيمان محب يرى في بكائه تقرباُ إلى الله تعالى بحبه لأهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يؤذي نفسه لايؤذي غيره فلماذا يقتلوا ، وإذا كان هؤلاء الذين يفعلون هم وأسيادهم الذين يسندونهم مسلمين حقاً فعليهم أن يواجهوا الشيعة في الحوار علناً وأمام الملأ ليثبتوا حجتهم على مايقولون لا أن يكيلوا التهم للآخرين من بعيد ويقتلون ويستبيحون دماء الناس بلا دليل ، فإن كان لهم دليل حق فسوف يتبعهم الناس على فكرهم وينبذوا ماسواه، وإن لم يكن لهم دليل فليتقوا الله في أنفسهم من عذابه يوم الحساب فإن الله تعالى ليس بغافل عما يعمل البشر ، وليتقوا الله في الأبرياء الذين يقتلونهم ظلماً وعدواناً وليعلموا أن الله سوف يسلط عليهم كما سلط على غيرهم من الظالمين، وعليهم أن يطهروا أنفسهم من حقد وضغينة تجاه إخوانهم المسلمين سنة وشيعة وليعلم الجميع أن دماء رجال السنة أمثال الشيخ ضامر وغيرهم ودماء الشيعة أمثال السيد الحكيم والأبرياء رحمهم الله جميعاً لن تضيع عند الله وأن الله هو الجبار المنتقم { وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ}(الشعراء/227

الدكتور إحسان موسى الربيعي
استاذ الدراسات القرآنية والسنة
3/ 3 /2004م الموافق لليوم الحادي عشر من شهر محرم الحرام
Ehsan-dr@maktoob.com

 

الصفحة الرئيسية

للأعلى