خيار قادتنا في التغيير خطوة موفقة نحو الإصلاح

 إن أولى خطوات طريقنا نحو القمة والتحرر من الفكر المتشدد بدأت تتضح معالمها حينما اتخذت حكومتنا الرشيدة في مملكتنا الغالية خطوة تجديد ،وتطوير وتغيير وتنقيح المناهج في التعليم العام والجامعي ،وتعد هذه الخطوة خطوة عملاقة في الطريق الصحيح نحو اجتثاث جذور الفكر المتشدد خصوصا إذا ما علمنا أن أي انحراف تنطلق بوادر تكوينه من الفكر والتربية والثقافة ومن ثم يصبح سلوكا وممارسة يتعاظم شئنا عند مؤيديه وتزداد بذلك قناعا تهم بتسطيح وتهميش الآخر وتكفيره وتكفير المجتمع وقيادته لكونه لا يؤمن بما يريدون فرضه من سلوك عدواني عنيف يسمونه الجهاد المسلح ولكنه هذه المرة موجها صوب الوطن الآمن وقيادته،ومواطنيه ورعايا العالم والعالم العربي والإسلامي ..!؟

إن بوادر تغيير مناهج التعليم هي الطريق نحو التحول من مناهج تصنع شباب يعتمد على سواه في تلقينه مبادئ الحياة والتعامل مع الآخر إلى مناهج تدعو لقبول الآخر  وتتحاور معه وتتعايش مع واقعه ..قد يقف الكثير من المتحجرين والذين يطلقون على أنفسهم الفئات المتشددة والأكثر محافظة على الثوابت الدينية التي تكشفت حقائقها مؤخرا وحقائق فكرهم الملتوي الإرهابي في وجه التغيير الذي ارتضته القيادة في مناهج التعليم والتربية للنشء ؟ لأنهم حريصون على ألا يفقدوا المنبع الذي يغرسون فيه أفكارهم التكفيرية حيث أن الدلائل والحوادث تشير إلى تورط المراهقين الشباب من طلبة الثانويات والصفوف الأولى من الجامعات والكليات والمعاهد لكونهم وجدوا فيهم التربة الخصبة التي تنبت فيها أشواك تكفير الآخر ولكونهم يمتلكون السيطرة على عقولهم و توجيه طاقاتهم الشبابية الغير موجهه من قبل صناع القرار والمثقفين وقادة التعليم وعلماء التربية والنفس والاجتماع وكذلك الأسر والمجتمع برمته ..كما نشد على أيدي قادتنا الحكماء وبقوة حينما يعلنون منهجهم في اتخاذ منحى التطوير والتدقيق الدائم للمناهج وفقا لمتطلبات التغيير للمرحلة اللاحقة من عمر مملكتنا الحبيبة ووفقا لاحتياجات الشعب بجميع فئاته وشرائحه والتي بلا شك تتلمسها القيادة وستسعى وبشكل تدريجي نحو إحقاقها عن طريق مناهج التعليم وتطويرها نحو الأفضل وتوظيفها لخدمة المواطن السعودي ومجتمعه بغض النظر عن جنسه ولونه ومذهبه وتوجهه الفكري .

 إن وضع القيادة يدها على مكمن الجرح مكنها من تشخيص العلة ومن ثم الانطلاق نحو تحديد الدواء  سعيا و و صولا إلى مرحلة الشفاء الذي نرتجيه نحن كما يرتجيه كل قادة هذا الوطن كما يرتجيه أيضا كل مواطن شريف غيور على وحدة وطنه وأمنه واستقراره وحماية مصالحه القومية .

أن كل ما نتمناه من حكومتنا الرشيدة الاستمرار قدما تجاه الإصلاح وخطوات التجديد في مناهج التعليم إذا ما أرادت أن تجني  ثمار التغيير يانعة ..كما أن عليها أيضا في خضم هذه المرحلة العصيبة من تاريخ وطننا الحافل بإنجازات القادة أن لا تدير بالا للأصوات الناعقة التي تقلل من انطلاقتها نحو التغيير في البيت الداخلي والتي تزعم أن هذا التغيير يتم بسبب تدخل الولايات المتحدة الأمريكية في شؤون وطننا الداخلية ذلك لأن هذه الفئات إلى جانب خوفها من التغيير كضرورة حتمية لمسايرة الواقع والعالم المتسارع وفي ظل فضاء تنتفي فيه الحدود الجغرافية للدول فأنها أيضا كفئات تعتبر نفسها محافظة جدا جدا على قناعاتها فإنها ترتجف خوفا من قبول التغيير حرصا على مكاسبها التي حصلت عليها من خلال هذه السلطة التقليدية التي تستمدها من بسط  نفوذها بين فئات المجتمع وشرائحه الشبابية وسواها ..كما أنها تخشى أيضا قبول المجتمع السعودي للتغيير نظرا لما يترتب علي التغيير من متغيرات أخرى في مكونات البناء الاجتماعي التقليدي والقائم على سلطة العرف وهيمنة التقاليد التي تقوم مقام الدين القويم وتُفرض كمسلمات أو مقدسات لا يمكن تغييرها ،أو تطويرها ،أو الخروج عليها لكونها أصبحت في عرف ثقافاتهم الدينية قرآن لا يمكن تحريفه لأي سبب أو داعي من الدواعي ،إضافة إلى خشيتها على عناصر ثقافتها التكفيرية الملتوية من أن تتلاشى وتندثر بفعل التغيير ،لذا ستواجه الحكومة بالمقاومين   وبشدة لكل الأفكار الجديدة التي تدعو للتغيير نحو مناهج دراسية هادفة لصناعة إنسان سعودي جديد يتناسب مع مسؤوليات ومتطلبات المراحل المستقبلية والظروف والأزمات الطارئة وكل ذلك نتيجة للتعصب القديم والمهيمن على عقول هذه الفئات الضالة .

ويجب ألا يقف فكر هؤلاء حائلا دون استمرار قيادتنا الحكيمة في التقدم خطوات إلى الأمام نحو قبول التغيير الذي من شأنه أن يٌحسن ثروتنا من الموارد البشرية الشبابية التي من الممكن أن تلعب دورا هاما في بناء مجتمعنا وتنميته وحمايته من الطامعين وشرور الإرهاب و الإرهابيين.

وأخير أقول أن التغيير مطلب ضروري وملح للغاية على الرغم من كل الصعوبات والتعقيدات التي ترافق التغيير أو يثيرها إلا أنه يعبر في جوهره عن إتاحة فرص البقاء واستمرار المجتمع السعودي   ..إضافة إلى استمرار قادته في ممارسة حكمهم للبلاد وبسط سيادتهم السرمدية عليه في الوجود والتطور ومواكبة العصر .

 بقلم :نوال اليوسف/ صحافية سعودية

 NAWALALYOSIF@YAHOO.COM

 

الصفحة الرئيسية

للأعلى